عسقلان.. رحلة مصرفية بدأها محاسبا ويواصلها بإدارة 2.2 مليار دولار


مسقط –طلعت المغربى

الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي في سلطنة عمان،عبد القادر عسقلان صاحب تجربة متميزة.. كان يهوى الخيول والطيران، لكن الأقدار دفعته إلى العمل المصرفي، فبدأ محاسبا يتقاضى 40 دولارا كراتب شهري إلى أن أصبح يدير أصولا مصرفية قيمتها 2.2 مليار دولار.

رحلته مع المصارف شملت الأردن واليمن والإمارات والسلطنة، فلسفته في العمل قوامها الصدق والحزم، ويعتبر النزاهة والأمانة والمخاطرة أهم شروط نجاح العمل.

أبدى عبد القادر عسقلان الذي احتفل منذ أيام بعيد ميلاده الـ 71 اهتماما كبيرا بالخيول، عندما كان في نابلس الفلسطينية ولم تكن لديه أية اهتمامات مصرفية، وفور تخرجه من كليه النجاح في العام 1956 فكر جديا في الالتحاق بكلية الطيران ليصبح طيارا مقاتلا ويشارك في النضال الفلسطيني من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالفعل قدم أوراقه إلى كلية الطيران ونجح في الاختبارات الطبية والرياضية، وكان قاب قوسين أو أدنى من الالتحاق بالكلية لولا رفض والدته خوفا على حياته.

بعدها تقدم بأوراقه إلى البنك العربي في عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية ليصبح محاسبا بالبنك، وفوجئ وقتها بوجود قريب له في إدارة شئون الموظفين رفض إلحاقه بالبنك حتى لا يتهم بالمجاملة والواسطة فيما بعد، وسعى عبد القادر إلى والده الذي تحدث إلى عبد الحميد شومان رئيس ومؤسس البنك العربي فوافق على تعيينه بالبنك فورا، وكان ذلك في العام 1957، ويتذكر عبد القادر عسقلان أن راتبه في تلك الفترة كان 40 دولارا.


الرحلة تستمر

بقي عبد القادر عسقلان يعمل محاسبا في بنك عمان العربي مدة 9 أشهر ثم كلف بإدارة فرع البنك في اليمن واستمر هناك من 1958 – 1969، وفي إحدى المرات كاد يفقد حياته ويقتل برصاص الإنجليز جراء العنف الذي كان سائدا هناك بعد الثورة، وقد اكتسب عسقلان خبرات كبيرة من تجربته اليمنية، ثم نقل بعدها إلى الإمارات العربية المتحدة ليكون مسئولا عن فرع البنك العربي في رأس الخيمة في العام 1970، وفى العام 1973 صدر قرار بأن يكون مسئولا عن فرع البنك العربي في سلطنة عمان.

تعد تجربة عسقلان الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي في مسقط حافلة بكل المقاييس، في البداية رفض الفكرة بعد أن أخبره البعض أن السلطنة في بدايات النهضة وأنه لا توجد مقومات حقيقية للحياة هناك، ولكن شومان طلب منه أن يجرب لمدة 3 أيام أولا، ثم يصدر قراره بالقبول أو الرفض، وبالفعل جاء إلى السلطنة، وعندما وطئت قدماه أرض السلطنة قال لنفسه (هذه أرض الأحلام)

عند قدومه مسقط لم تكن مقومات الحياة قد اكتملت بعد وكان هناك فندق واحد هو فندق الفلج، وكان فندق الخليج لم يتم بناؤه بعد وأقام عسقلان بجوار الفندق مباشره وبدأ في تأسيس البنك العربي وكان يطلع من أرشيف الفندق على نزلائه من رجال الأعمال القادمين للسلطنة لإنشاء مشاريع بها، فسعى إلى التعرف عليهم فأصبحوا من أهم عملاء البنك فيما بعد، كانت الحياة صعبة بكل معنى الكلمة ويؤكد عسقلان أن الأغذية لم تكن متوافرة وقتها إلا عن طريق سيارة تأتى محملة بها من دبي مرة كل أسبوع، والخبز أيضا لم يكن ميسرا وكان يوجد مخبز واحد في مسقط كلها ولم يكن الطريق مزدوجا، بل كان طريقا واحدا ناحية الجبل ولم يكن هناك الطريق البحري المجاور للبحر حاليا كذلك تكن هناك كبار ولا جسور ولا أنفاق ولا وسائل اتصال ميسرة كالموجودة حاليا.

50 مليون دولار

ويتذكر عسقلان أن باكورة نشاطه وتعاونه مع حكومة السلطنة جاءت عندما قدم 50 مليون دولار قرضا للحكومة العمانية في العام 1975 لإنشاء مصنع الأسمنت، وتوالت بعدها التسهيلات البنكية وتمويل المشاريع فقام البنك العربي بتمويل شركة المطاحن العمانية ثم الكباري والطرق والجسور والفنادق ويذكر عسقلان بفخر "كنت عندما أسافر صحار أجد أن بصمة البنك العربي واضحة على كل المشاريع التي قام بتمويلها من مسقط إلى صحار وكان هذا يسعدني كثيرا".

وحول المزايا التي يقدمها بنك عمان العربي عن البنوك الأخرى يكشف عسقلان "أن بنك عمان العربي يتميز بتطور التكنولوجيا وسهولة العمل المصرفي والتركيز على تمويل المشاريع التنموية أكثر من التركيز على القروض الشخصية".

وعن فوائد القروض الشخصية والإسكانية، وهل هي مرتفعة مقارنة مع البنوك في بقية دول الخليج يوضح عسقلان "أن الفوائد ليست مرتفعة فالقروض الإسكانية تراعى ارتفاع أسعار العقارات عاما بعد آخر، وهناك التضخم الذي يزيد كل عام ويقلل القوة الشرائية للنقود أما بالنسبة للقروض الشخصية فيجب ألا ننسى حجم الديون المعدومة والمتعثرة".

2.2 مليار دولار أصول

بدأ البنك العربي نشاطه المصرفي في السلطنة بـ 50 مليون ريال والآن تزيد أصول بنك عمان العربي حاليا على 2.2 مليار دولار ويتركز النشاط التمويلي للبنك على الشركات المساهمة في البورصة وعلى تقديم التسهيلات للمقاولين.

وحول التحديات التي واجهها طوال رحلته المصرفية يؤكد عسقلان "أن التحديات عديدة، خصوصا عندما يتصل القرار بالتمويل والإقراض لأموال ليست ملكا لك، بل ملكا للمودعين، هنا لابد من التأنى جيدا عند اتخاذ قرار بالتمويل، وبشكل عام العمل المصرفي يتطلب المخاطرة المحسوبة جيدا والمحدودة أيضا والنزاهة والأمانة أيضا".

وعن فلسفته في العمل يؤكد عسقلان "أهم شيء هو الصدق في التعامل والحزم في اتخاذ القرارات". وحول الجنسية العمانية يكشف الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي أنه حصل على الجنسية العمانية في العام 1995، أما بالنسبة للوظائف الأخرى فيتولى عسقلان عضوية مجالس إدارات شركة عمانتل والشركة العمانية للتنمية والاستثمار، وصندوق التأمين والودائع بالبنك المركزي العماني، وهو يؤمن بالصدق في التعامل، ويعتبر الأمانة والنزاهة من أهم مقومات النجاح في العمل المصرفي. وبعيدا عن المصارف يهوى عسقلان رياضة التنس والاستماع إلى الموسيقى والرحلات وقد زار العديد من دول العالم العربية والأجنبية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل ماقرأت من الحكم

اليوم بالجزمة بكرة بالقبقاب