البحريني عادل علي يحلق بأسطول "طيران العربية" عكس التيار




دبي - الأسواق.نت

رغم التعثر وخسارة عدد لا يستهان به من شركات الطيران العالمية بسبب أسعار الوقود، تسبح "العربية للطيران" عكس التيار؛ حيث يعتقد رئيسها التنفيذي عادل علي "إنه وقت الشراء" وتحقيق المزيد من الأرباح.

مجلة فوربس العربية تكشف في عددها أغسطس/آب أسرار "العربية للطيران" وخططها المستقبلية، وكيف نجحت في تحقيق أرباحها اللافتة؟

التوسع بالأسطول

الرئيس التنفيذي للشركة عادل علي، لقد اشترى 48 عامًا، اشترى منذ بداية العام الجاري 3 طائرات (إيرباص إيه 320 – Airbus A320)، اثنتان في مارس/آذار وواحدة في مايو/آيار، ليضيفها إلى 12 طائرة مستأجرة لدى الشركة تطير إلى 41 وجهة في الخليج والشام وشمال إفريقيا وشبه القارة الهندية ودول الكومنولث الروسي.

الطائرات الـ3 المشتراة مستعملة، ولكن في حال جيدة جدًّا؛ إذ تتراوح المدّة التي قضتها الواحدة منها في الخدمة ما بين 3 و6 أشهر فقط، وقد اشترتها (العربية) من شركتي (سي آي تي إيروسبيس - CIT Aerospace) التابعة لشركة (سي آي تي غروب إنك – CIT Group Inc.) ومقرّها نيويورك، و(الدولية لتمويل التأجير - International Lease Finance Corp - ILFC) التي تملكها عملاقة التأمين الأمريكية (المجموعة الدولية الأمريكية -American International Group, AIG).

معدلات ربح متنامية

"إنها فرصة للشراء اليوم"، يقول علي الذي قاد شركته منذ إطلاقها في 2003 إلى تحقيق معدل نموّ سنويّ ثابت بلغ 20% في الأرباح الصافية و70% في الإيرادات. فبعد أن وصلت الشركة إلى نقطة التوازن بين الإيرادات والمصروفات في سنتها الأولى في 2004، حقّقت في السنة الثانية أرباحًا صافيةً بلغت 8 ملايين دولار من إيرادات بقيمة 120 مليون دولار، ثم تضاعفت هذه الأرباح 3 مرّات لتصل إلى 27 مليون دولار في 2006 من إيرادات بقيمة 208 ملايين دولار، ثم تضاعفت بأكثر من 3 مرّات إلى 102 مليون دولار في 2007 من إيرادات بقيمة 349 مليون دولار.

أمّا بالنسبة إلى عام 2008، فقد قدَّرت (غلوبال إنفستمنت هاوس) في تقرير أصدرته في مارس/آذار أن تصل أرباح الشركة الصافية إلى 126 مليون دولار، على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها شركات الطيران، لكن علي، البحريني الجنسية، يرفض التعليق على هذه التوقعات، ويقول "الأمر في غاية البساطة، ارتفاع أسعار الوقود يصبُّ في مصلحة شركات الطيران الاقتصادي".

ويشرح ذلك بالقول إن سعرَ الوقود المرتفع يمثّل ضغطًا على الطيران التقليدي والاقتصادي على حد سواء، ما يضطر الشركات إلى رفع أسعار التذاكر، غير أنّ أسعار تذاكر شركات الطيران التقليدي تصل بهذه العملية إلى مستويات مرتفعة لا يتحمّلها المسافرون، فيتجهون إلى استخدام الطيران الاقتصادي "الأرخص نسبيًّا".

الأسعار بطاقة ضمان

وتظهر مقارنة بسيطة بين (العربية) وجارتها الناقلة التقليدية الرسمية طيران الإمارات التي تطير من دبي، الفارق في الأسعار، فتذكرة السفر ذهابًا وعودة بين الشارقة وبيروت من الـ30 من أغسطس/آب إلى الـ15 من سبتمبر/أيلول -إذا كنت حجزتها يوم الـ10 من يوليو/تموز- أرخص على (العربية للطيران) من الرحلة المعادلة لها أي دبي -بيروت على متن (طيران الإمارات) بنسبة 30%؛ إذ تبلغ 370 دولارًا على الأولى، و531 دولارًا على الثانية، وسعر تذكرة دبي -جدة على (الإمارات) في الفترة نفسها تزيد كثيرًا على ضعف سعر تذكرة الشارقة-جدة على متن (العربية)؛ إذ تبلغ الأولى 1.380 دولارًا، والثانية 562 دولارًا.

هناك 24 شركة طيران في العالم أشهرت إفلاسها منذ بداية 2008، حسب تقريرٍ أصدره (الاتحاد الدوليّ للنقل الجوي - IATA والذي توقع أيضًا أن تتحملَ صناعة الطيران العالمي هذا العام تكاليف إضافية قد تبلغ 99 مليار دولار، الأمر الذي يزيد من احتمال أن نشهد انهيار شركات طيران أخرى وقيام البعض منها بتسريح جماعي للعمال، كما فعلت شركة (أمريكان إيرلاينز) عندما ألغت 7,000 وظيفة في يوليو/تموز، والطيران الإقتصادي ليس بمنأى عن هذه الضغوط أيضًا، لكن بالنسبة إلى علي، فإنّ هناك جملةً من المعادلات التي تعتمدها(العربية للطيران)، تُبقيها بعيدة عن شبح الخسائر.

سياسات ترشيد

"لا ألغاز في الموضوع"، يقول علي، ويشيرُ إلى أن نموذج الأعمال الذي يتّبعه، وهو انتهاج استراتيجية تقليل التكاليف وزيادة أعداد الركاب، بما يضمن للناقلة مواصلة تحقيق الأرباح "مهما زادت التحديات".

فمتوسط عدد الموظفين بالنسبة للطائرة الواحدة لدى (العربية للطيران) هو 70 موظفًا لكل طائرة، فيما يصل هذا المتوسط في حال شركات الطيران التقليدي الأخرى إلى 250 موظفًا، وهي تقدّم رواتب لموظفيها لا تقل عن تلك المعتمدة لدى الشركات الأخرى العاملة في دولة الإمارات، مثل (طيران الإمارات) و(الإتحاد للطيران)، "المسألة ليست هنا" حسب تعبيره، بل في قلّة العدد، وهذه عائدة إلى استخدام طراز واحد من الطائرات، ما يعني توفير نوع واحد من مهندسي الصيانة والطيّارين والمضيفين، على عكس شركات الطيران التقليدي التي تتكون أساطيلها عادةً من طرازات متنوعة من الطائرات، تحتّم عليها توظيف مهندسي صيانة وطيّارين متخصصين لكل نوع من هذه الطائرات.

وفضلاً عن تقليص عدد الموظفين، فإنّ انتهاج سياسة الطراز الواحد توفّر على الشركة أيضًا تكاليف شراء قطع الغيار، "أن تشتري قطع غيار لنوع واحد من الطائرات، ليس كما تشتري لأكثر من طراز"، وهذا فضلاً عن أن طائراته كلّها تكون معظم الأوقات في الجو، ما يعني تقليص تكاليف بقائها على أرض المطارات المختلفة.

الرهان الرابح

يُراهن علي على توافر طلب متزايد على السفر الجويّ من وإلى دولة الإمارات العربية، باعتبار أن أغلب القاطنين فيها هم من المقيمين والزائرين كثيري الأسفار، والذين يتمتعون إلى جانب المواطنين بمستويات دخل عالية، وهؤلاء جميعهم لا بديل لهم للسفر الخارجي سوى النقل الجويّ، وهو ما يفسّر عدم تأثّر (العربية للطيران) سلبًا بأزمة الوقود العالمية مثلما تأثرت نظيراتها في أوروبا وأمريكا الشمالية؛ حيث البدائل البريّة والبحريّة متوافرة أمام المسافرين، وقد ارتفع عدد الركاب الذين يستخدمون (العربية) سنويًّا من 2.2 مليون راكب في يونيو/حزيران 2007 إلى 3.1 ملايين راكب في يونيو/حزيران 2008، وبنسبة 40%.

علي، الذي يحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ماريلهرست في ولاية أوريغون الأمريكية، يحاول دائمًا أن يتخلص ممّا يسمّيه "أعباء إضافية لا لزوم لها في شركات الطيران"، لقد عمل لمدة 20 عامًا في (الخطوط البريطانية) في عدة مناصب كان آخرها منصب مدير عام الشركة لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، ثم عمل عامًا واحدًا في (طيران الخليج) كنائب رئيس الخدمات التجارية والعملاء قبل التحاقه بالعمل على تأسيس (العربية).

ويقول إنه طوال تلك الفترة كان يرى أن الناقلات الجوية التقليدية "تتكلف أشياء من دون أيّ سبب"، ويضيف "كنتُ مقتنعًا بالطيران الاقتصادي، وأرى أنه مناسبٌ للمنطقة، لكن المنطقة لم تقتنع بالفكرة إلا أخيرًا"، ويشير إلى أنّ وجبة الطعام السريعة على متن طائراته اختيارية ويصل سعر الوجبة منها إلى 5 دولارات، وهو يحقّق من ورائها ربحًا، فيما تبلغ تكلفة الوجبة الواحدة الكاملة في شركات الطيران التقليدي نحو 20 دولارًا يتحمّلها الراكب كاملة، سواء تناولها أم لا.

تقليص النفقات مستمر

مجال آخر يسعى علي إلى تقليص النفقات فيه، وهو بدلات السكن التي يدفعها لموظفيه، ولذلك بدأت الشركة مطلع هذا العام عملية بناء مبنى خاص لسكن الموظفين تقيمه بجوار مطار الشارقة الذي تنطلق منه رحلاتها، لتوفير الوقت والجهد والمال على موظفيها الباحثين عن مسكن؛ حيث يصل عدد أفراد أطقم طائراتها حاليًا إلى 300 موظّف، يتوقع علي أن يتضاعف بحلول 2015 مع زيادة أعداد الطائرات، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من إنشاء هذا المبنى السكني في 2010.

وأيضًا بدأت (العربية) في يوليو/تموز إنشاء "فندق اقتصادي" بجانب المطار مؤلف من 350 غرفة، هذا الفندق ذو الـ3 نجوم سيقدم خدمات لرجال الأعمال بأسعار معقولة، وستديره شركة روتانا الإماراتية تحت العلامة التجارية سينترو، "المردود الاستثماري لهذا الفندق سيبلغ ما بين 10 و15%" يقول علي، مع بداية تشغيله مطلع عام 2011.

لدى علي خطط أخرى للتوسع في أعمال الشركة، فبعد إطلاق مركز عملياتها الثاني في العاصمة النيبالية كاتماندو في يناير/كانون الثاني 2008، وبدء عملياتها هناك تحت العلامة التجارية (فلاي يتي) بطائرة واحدة تخدم 3 وجهات (توقّفت مؤقتًا في منتصف يوليو/تموز بسبب الأزمة السياسية التي تمرّ بها نيبال، يعتزم إطلاق أنشطة الشركة من مركز عمليات ثالث في المغرب قبل نهاية العام الجاري، فضلاً عن مركز رابع تجري مفاوضات في شأنه، ويقول عنه علي من دون أن يسمّي اسم الدولة، إنه سيكون ما بين المغرب والشارقة للربط بين هذين المركزين.

على الرغم من صمود (العربية للطيران) في وجه ضغوط ارتفاع أسعار الوقود، إلا أنها اليوم بدأت تواجه تحديات المنافسة الحقيقيّة، فقد انطلقت في 2005 شركة (طيران الجزيرة) الكويتية، ثم شركتا (طيران ناس) و(سما) السعوديتان في 2007، و(طيران البحرين) البحرينية في يناير/كانون الثاني 2008، وقريبًا ستطلق إمارة دبي في مايو/كانون الثاني 2009 ناقلتها الجوية الاقتصادية التي ستحمل اسم (فلاي دبي).

ربما على علي ألاّ يبدو واثقًا بشكل مفرط بعد اليوم، فـ(العربية) لم تعد وحدها على الساحة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل ماقرأت من الحكم

اليوم بالجزمة بكرة بالقبقاب