البحريني إبراهيم الحمر.. من مكاتب المحاسبة إلى تأسيس شركات طيران


المنامة – ريم راشد

لم تكن الظروفُ مواتية لرجل الأعمال البحريني إبراهيم الحمر في مراحله العمرية الأولى لتحقيق حلمه بدراسة الطيران، فاتجه إلى الدراسة الأكاديمية في تخصص مغاير كان بمثابة تحديًا بالنسبة له من أجل تحقيق النجاح والمرتبة المرجوة.

كانت انطلاقته في أواخر 1973 بعد انتهائه من دراسة تخصص الحسابات القومية من هولندا حيث اختاره وكيلُ وزارة المالية في ذلك الوقت إبراهيم عبد الكريم والذي أصبح فيما بعد وزيرًا للمالية ضمن مجموعة شبابٍ منتقاة بعد عودته من الخارج لإعداد بحث حول ميزانية الأسرة بهدف قياس معدل التضخم في المملكة، وكان ذلك في بداية العام 1974.

ميزانية الأسرة

يقول رجلُ الأعمال البحريني إبراهيم الحمر لـ"الأسواق نت": "جاء تكليفي بهذا المشروع مع بداية عملي بوزارة المالية، وأذكر أن وكيل الوزارة حينها إبراهيم عبد الكريم سألني حينها إن كنت قادرًا على إتمام العمل بالمشروع؛ كون تلك الفترة كانت فتره جديدة على الواقع الاقتصادي، ولكوني حديث التخرج، فقد كان حماس الشباب دافعي الأول للمُضي في المشروع، فتباحثت معه حول الآلية المثلى لتنفيذ المشروع، وجاء الاتفاق حول ضرورة الاستفادة من خبرات الدول الأخرى في هذا الصدد، وسافرت إلى لبنان، وكان ذلك قبل بداية الحرب الأهلية، والتقيت خلال زيارتي بشركة مرك التي كانت تعتبر من أبرز الشركات العاملة في قياس معدلات التضخم واستفدت من تجربتها، وكانت لي زيارة أخرى لدولة الكويت والتقيت مدير الجهاز المركزي للإحصاء وأخبرته بالمشروع، وأبدى الرغبة في التعاون".

ويعتبر مشروع قياس معدلات التضخم هو الانطلاقة الحقيقة لإبراهيم الحمر، حيث وضعه المشروع في خضم الحياة العملية، وبمسئولية كبيرة نظرًا لتكليفه من قِبل الوزارة بالمتابعة الكاملة للمشروع من خلال ميزانية خُصصت له، وبنجاح المشروع تولدت الثقة لدى المسئولين بقدراته الشبابية، وساهمت هذه الثقة في إنجاح الأفكار الجديدة، فكان تتابع التحدي بتكليفه بمشروع تعداد السكان في عام 1981 الذي ساهم في إحداث النقلة من خلال توثيق إعداد سكان البحرين.

مشروع التعداد

يقول إبراهيم الحمر: "كان جهاز المعلومات والإحصاء في تلك الفترة يتبع مجلس الوزراء، وأذكر أني التقيت وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء في تلك الفترة جواد العريض، وأوضحت له أنه بعمل التعداد، فلا بد من ترقيم جميع البيوت في مملكة البحرين، ومن ثَمَّ البدء في مشروع عناوين البحرين، حيث كان المشروع هو النواة الحقيقية للتعداد، ولأننا لو نفذنا المشروع على أساس صحيح فإنه سوف يخدم المملكة".

كان مشروع التعداد استكمالاً لانطلاقة إبراهيم الحمر الأولى، كونه صاحب فكرة المشروع ومديرها، حيث عمل من خلاله وبشكل مكثف لإنجاح المهمة نظرًا لمحدودية الوقت؛ ففي إبريل/ نيسان من العام 1981 توج مشروع التعداد في البحرين، فتم تحديد الشوارع باللوحات والأسماء، وكانت ردود الفعل إيجابية بالدرجة الأولى حول هذا الإنجاز، مما ولَّد النواة الحقيقية لتعداد السكان فيما بعد.

رغب إبراهيم الحمر في مواصلة ترجمة أفكاره التطويرية في دنيا الواقع، غير أن الفرصة سنحت له في الفترة ما بين 1982 و1983 في مواصلة دراساته العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، ونيل شهادة الماجستير في الوقت الذي كانت فيه ولادة مشروع الرقم الشخصي والتي انبثقت من مشروع تعداد 1981، فساهم فيها وفي ترجمتها على أرض الواقع من جديد ضمن المشروعات التطويرية التي ساند انطلاقتها.

النقلة الوظيفية الأولى

نظرًا لإسهامات إبراهيم الحمر في العديد من المشاريع الحيوية في البحرين فقد طلب منه وزير المالية إبراهيم عبد الكريم في تلك الفترة وخلال عودته في الإجازة الدراسية أن يعمل بعد انتهاء دراسته كوكيل مساعد للموازنة بوزارة المالية في الوقت الذي كان ابتعاثه للدراسة عن طريق الجهاز المركزي للإحصاء، وبمجرد انتهائه من الدراسة كانت النقلة الوظيفية الأولى والتي رغب من خلالها أن يكون العمل مبنيًا على هيكلية وظيفية مثلى، وعمل من خلال منصبة الجديد على الإعداد لما يسمى بالتخطيط المالي، حيث كانت لديه رؤية مستقبلية للإعداد لدليل مالي يضع الأطر العامة للصرف والدخل، كذلك العمل على إيجاد نظم محاسبية جيدة للوصول للهدف العام، وهو تقوية وزارة المالية في تلك الحقبة.

رغبة إبراهيم الحمر في المساهمة في عملية الدعم لمختلف القطاعات كانت سببًا رئيسيًا لاختيار عددٍ من الجهات له لأن يكون عضوًا بها، ففي عام 1986 حدثت كبوة بنك البحرين والكويت نتيجة لانخفاض سوق الأسهم، وتدخلت الحكومة لإنقاذ الموقف عن طريق صندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية لدعم البنك من جديد، فتم اختياره لتمثيل صندوق التقاعد في عضوية مجلس إدارة البنك من اجل المساهمة في تجاوز البنك للأزمة التي عايشها في تلك الفترة، وتمت عملية إعادة هيكلة البنك، وأصبح الحمر عضوًا للجنة التنفيذية ومجلس إدارة بنك البحرين والكويت بدءًا من العام 1986 حتى عام 2000.

حلم الطيران يعاود الظهور

نشأ الحمر منذ سنواته الأولى وحب مجال الطيران يسري في دمائه، إلا أن الظروف التي لم تكن مواتيةً أخذته في اتجاه مغاير، غير أن القدر شاء أن يتحقق حلمه من جديد بعد ما أرسى دعائمه في مجالات متعددة، حيث أصبح في العام 1990 عضوًا في مجلس إدارة طيران الخليج، وشعر أن هذا ما أراده منذ بدايات مشواره؛ لأن هذه العضوية ربطته جزئيًا بالحلم القديم، وفي عام 1991 انتقل كوكيل مساعد للطيران المدني، ووجد بهذه الوظيفة الجديدة أنه سيكون على رأس السلطة المشرفة على الطيران المدني.

يقول الحمر: "مع انتقالي للطيران المدني وجدتُ أن علاقتي بحلمي الجديد بدأت تتوثق من جديد، وأجريت مع الفريق عددًا من التعديلات والتي شملت فندقًا داخل المطار، بالإضافة إلى المراحل الأخيرة لتطوير المطار، وأذكر في العام 1994 أني أردت دراسة الطيران حيث كانت شركة طيران الخليج في تلك الفترة قد بدأت عمليات تشغيل رحلاتها لنيويورك، وبدأت في دراسة الطيران في أمريكا وقت الإجازات، وحصلت على إجازة الطيران خلال عام ونصف، ومن ثم وضعت الترتيبات مع طيران الخليج حينها ليتم تأهيلي في طائرات الإيرباص كمساعد طيار من أجل جمع الساعات للخبرة، وكنت أمارس الطيران وقتها دون مقابل مادي من أجل اكتساب الخبرة وتأهيل نفسي في المجال الذي طالما حلمت به، وخلال 5 سنوات جمعت ساعات الخبرة، وأصبحت قبطانًا على خطوط طيران الخليج، وفي عام 2001 وقع الاختيار عليَّ لأكون الرئيس التنفيذي لشركة طيران الخليج إلى تاريخ 12 مايو/ أيار من العام 2002 حيث تم استبعادي من مجلس إدارة طيران الخليج، ووجدت نفسي خارج نطاق حلمي الذي جاهدت لتأسيسه من جديد".

بدء من جديد

علاقات إبراهيم الحمر التي نمت على أسس صحيحة مع مختلف القطاعات والجهات ساهمت في بدئه من جديد؛ حيث شجَّعه الرئيس التنفيذي للطيران القطري أكبر الباكر للانضمام للشركة كطيار، وذلك ما بين العام 2003 إلى العام 2004، وأصبح يتنقل ما بين الدوحة والبحرين لتعزيز خبرته في مجال الطيران، غير أن هذا الدور لم يكن طموحه في مجال الطيران، فأراد إثبات ذاته على نحو أكبر من خلال تأسيس شركة للطيران المنخفض التكاليف، والذي وجد الترحيب به في دولة الإمارات من خلال تأسيس شركة العربية للطيران بالتعاون مع عدد من المستثمرين، وانطلقت أول رحلة لـ"العربية" في 28 أكتوبر من العام 2003، ولرغبته في عدم الازدواجية في العمل، فقد استقال من عمله في الطيران القطري من أجل التفرغ للعمل الجديد الذي استمر به إلى العام 2007 نظرًا لأمور إدارية، حيث يقول: "رجعت للبحرين في مارس من نفس العام وأسست شركة الطيران الخاص "رايزن جت" والتي استمرت منذ 18 شهرًا، إلا أن حلم تكرار تجربة الطيران المنخفض التكاليف في مملكة البحرين راودني من جديد، وأردت حمل اسم بلادي فحصلت لقاءات مع بعض المستثمرين من أجل التباحث في المشروع، وتم الاتفاق على تأسيس طيران البحرين برأسمال 10 مليون دينار (الدولار يساوي 0.37 دينار).

ووقع الاختيار عليَّ لأكون العضو المنتدب للشركة والشيخ عبد الله بن محمد آل خليفة رئيسًا لمجلس الإدارة، ومع انطلاقة رحلات الشركة وجدنا أن الإقبال مشجعٌ ويساعد على التواجد في ساحة الطيران، حيث إن الشركة لديها الآن 7 محطات، ومن المؤمل أن يتم إضافة محطتين قبل منتصف العام الجاري نظرًا للطلب الكبير على الحجوزات، ولدينا خطة توسعية جيدة خلال الفترة القادمة من أجل تعزيز تواجدنا كشركة طيران منخفضة التكاليف".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل ماقرأت من الحكم

اليوم بالجزمة بكرة بالقبقاب