القطري ناصر الصديقي.. أصغر رجل أعمال ومنتج أول ماركة محلية


الدوحة - أحمد الأمين

بدأ حياته العملية في مجال المال والأعمال عندما كان طالبا في الثانوية، كان آنذاك يحمل أحلاما كبيرة وطموحات عريضة، لكن حلم حياته الأول كان تقديم منتج يحمل عبارة "صُنع في قطر".

وبإرادة صلبة وفكر خلَّاق جعل ناصر الصديقي من "المتحجبة" أشهر علامة تجارية للعبايات في الدول العربية، وتسعى كبرى شركات الأزياء العالمية للحصول على وكالتها التجاري.

9 أمتار فقط!

انطلق الصديقي إلى عالم الأزياء من محل لا تتجاوز مساحته 9 أمتار في سوق الدوحة القديم، وأصبح مساهما ومديرا لشركة توكيلات عالمية للأزياء تحمل اسم مجموعة "نيرة الدولية"، لديها عشرات الأفرع والوكالات في العديد من الدول العربية والأوربية.

بالجهد والعرق ومساعدة الأشقاء نجح في لفت أنظار أكبر مصممي الأزياء في العالم، وجعلهم يسعون للتفاوض معه من أجل الحصول على توكيلات لعرض منتجات "المتحجبة" في أعرق محلات الأزياء الفرنسية والإنجليزية.

الرئيس التنفيذي لشركة "المتحجبة" ناصر الصديقي حظى مؤخرا بتكريم غرفة تجارة وصناعة قطر كأول رجل أعمال قطري يبدأ حياته العملية وهو في المرحلة الثانوية.

عائلة تجار

بدأت عائلة الصديقي طريقها في التجارة منذ سنوات بعيدة، وتحديدا في عام 1916؛ حيث كان الجد الأكبر من كبار تجار الأقمشة، وحول فترة البداية يقول ناصر الصديقي لـ"الاسواق نت" "منذ أن كنت طفلا صغيرا وأنا أمارس التجارة مع والدي ولاحظت خلال تلك السنوات المبكرة أن جميع الأقمشة والملابس التي نعمل فيها تأتينا من الخارج وكنتُ أسال نفسي لماذا نستورد كل احتياجاتنا من الدول الأخرى، وكنتُ على يقين أننا نستطيع إنتاج أقمشة وملابس مثل باقي شعوب العالم، والأكثر من ذلك إنني كنت متأكدا أننا قادرين ليس فقط على الإنتاج ولكن أيضا على التصدير للخارج".

ويضيف "ظلت هذه الأحلام تراودني ولكن دون أن أتخذ خطوة على طريق تنفيذها، وبعد أن أنهيت دراستي في صيف عام 1983 وكنتُ وقتها في الصف الثاني الثانوي فكرت في أن أبدا بإنشاء مشروع تجاري خاص بي، وعرضت الفكرة على الوالد إلا أنه رفض تماما في البداية وأمام إصراري وافق بشرط المحافظة على دراستي واستكمال تعليمي الجامعي، ومنذ ذلك التاريخ دخلت عالم الأعمال".

50 ألف ريال

وبدأ الصديقي نشاطه بخمسين ألف ريال اقترضها من والده وإخوانه، وكان ذلك في صيف 1983 واشترى محلا صغيرا مساحته لا تزيد عن 9 أمتار في سوق الدوحة، واختار والده موقعه وكان يهدف من هذ الاختيار أن يكون مواجها لأحد أكبر تجار العبايات في قطر وقتها، وكان يهدف من وراء ذلك أن يبدأ ابنه حياته العملية بإرادة قوية وتصميم على النجاح.

ويقول الصديقي "عندما بدأتُ في عمل ديكورات المحل كان كل تفكيري منصبا على تقديم شيء مميز عما هو موجود في السوق القطرية وقتها، وبعد تفكير طويل ومشاورات مع إخواني وأصدقائي توصلتُ إلى فكرة طموحة وهي التخصص في صناعة عبايات خليجية غير تقليدية، تساير أحدث خطوط الموضة وتتناسب مع التقاليد والعادات العربية".

ويؤكد أن السوق القطرية استقبلت العبايات الحديثة بحفاوة بالغة لم يكن يتوقعها في البداية، ويضيف "بعد أن تأكدت من إقبال المرأة القطرية على العبايات الجديدة أضفت إليها أغطية الرأس "شيل" الملونة التي تتناسب مع لون العباية، وكان ذلك جديدا على السوق القطرية؛ حيث كانت العبايات و"الشيل" سوداء واخترت اسما تقليديا خليجيا في الوقت نفسه يرمز إلى الحجاب، وكان الاسم هو "المتحجبة"، وتحولت "المتحجبة" إلى ماركة عبايات معروفة على مستوى السوق القطرية بعد افتتاح أول محل بأشهر قليلة".

ذوق وإحساس

ويعتبر "الصديقي" الأزياء عموما ذوق وإحساس عام بالجمال، فمن لديه ذوق عام سوف يختار ملابسه وألوانها بشكل جيد.

وهذه الموهبة حباه الله بها، وكان في مراحله الأولى يقوم بتقديم التصاميم المعروضة في الأسواق بعد أن يضيف عليها بعض اللمسات وبعد فترة قصيرة بدأ يتساءل "لماذا نستورد العبايات من الخارج؟ ولماذا لا نقوم بعمل تصاميم وموديلات قطرية؟".

ورغم أن معظم من حوله استصعبوا هذه الفكرة إلا أنه بدأ يفكر في عمل شيء مبتكر باسم "المتحجبة"، ولذلك قرر شراء الأقمشة والاكسسوارت من أشهر المصانع الإيطالية والتركية، وكان ذلك يحتاج إلى إنشاء أول مصنع لتصميم وتصنيع العبايات في قطر، أما أغطية لرأس فكان يقوم باستيرادها من إيطاليا مباشرة، ونظرا لجودة المنتجات وحداثة التصاميم فقد اكتسبت عبايات المتحجبة ثقة الوكالات الدولية في عالم الأزياء، وحصلت المتحجبة على توكيلات لعرض العديد من الماركات العالمية في محلاتها.

المتحجبة في العالم العربي

وبعد الشهرة والانتشار بالسوق القطرية بدأ التفكير في افتتاح فروع للمتحجبة في الدول الخليجية المجاورة، وبالفعل تم افتتاح أول فرع للمتحجبة في دبي عام 1990، وهذا الفرع كان يمثل عنق الزجاجة بالنسبة للمتحجبة؛ حيث إن المنتجات التي تعرض في السوق الإماراتية على قدر عالٍ من الجودة والرقي، وبالتالي كان لا بد أن تكون منتاجاتنا على القدر نفسه من الجودة أو تزيد عما هو معروض.

ويقول ناصر الصديقي لقد كنا واثقين من إمكانياتنا وقدراتنا، ولذلك استطاع هذا الفرع أن يثبت وجوده في زمن قياسي، وصنعت "المتحجبة" لها اسما عظيما ليس على مستوى دبي فقط ولكن على مستوى الإمارات العربية كلها، ولذلك توالى افتتاح العديد من محلات "المتحجبة" في العين وأبوظبي وغيرها من الإمارات العربية، ولدينا الآن 35 فرعا منتشرة في الكويت والإمارات والبحرين، ولدينا وكيل في عمان، ويجري التجهيز لافتتاح فرع "للمتحجبة" في مسقط هذا العام، وكذلك لنا وكيل في السعودية وجاري حاليا إنشاء عدد من الفروع في المدن السعودية، ومن القرر أن يصل عدد أفرع "المتحجبة" في السعودية إلى 15 خلال 3 أعوام.


وبعد أن أثبتت منتاجات "المتحجبة " وجودها في دول الخليج تم افتتاح عدد من الأفرع لها في مصر والمغرب، بل أسست المتحجبة لها مصنعا في مدينة 6 أكتوبر قرب العاصمة المصرية القاهرة.

صنع في قطر

ويؤكد الصديقي لـ"الأسواق. نت" أن المتحجبة لديها عروض من شركات أوروبية للعمل كوكلاء للمتحجبة في فرنسا وإنجلترا، ولكن هذه العروض لا تلبي طموحاتنا حتى الآن ولذلك رفضناها.

ويضيف "ألا إن هذا لا يعني رفضنا لفكرة التواجد في السوق الأوروبية، ولكن لا بد أن تكون الشركات التي ستحصل على توكيل "المتحجبة" في مستوى الطموحات التي ترضينا، وهناك اتصالات تجرى حاليا، وربما يكون لدينا وكيل في لندن أو باريس قبل نهاية العام الجاري؛ لأن هدفنا أن يكون لنا منتج قطري يعرض في أرقى المحلات الفرنسية والإنجليزية؛ لأن أحد أهم أحلامي أن تعرض ملابس المتحجبة في أرقى محلات أوروبا ومكتوب عليها عبارة "صنع في قطر"، بغض النظر عن أي مكاسب مادية.

ويعتبر الصديقي أن نجاح "المتحجبة" في الأسواق العربية والدولية شكَّل عامل تشجيع قويا على تأسيس شركة توكيلات للأزياء، تحمل اسم مجموعة "نيرة الدولية" ولديها عدد كبير من أشهر الوكالات العالمية التي تعمل في مجال الأزياء والموضة.


طقم متكامل

وكانت فكرة "المتحجبة" -كما يؤكد صاحبها- تقوم على تكوين "طقم" من العباية وغطاء الرأس والشنطة، وكل ما تحتاجه المرأة الخليجية والعربية، ولكن هذه الفكرة لم يكن من السهل تطبيقها في البداية.

ويضيف بعد أن تم طرح عبايات "المتحجبة" وصنعت لها اسما في السوق القطرية بدأنا في إضافة غطاء الرأس، وفي مراحل تالية كان هدفنا توفير كل احتياجات ومستلزمات المرأة الخليجية، ولذلك بدأنا الدراسات العلمية والاقتصادية لتنفيذ هذه الفكرة، وكان ذلك سببا في افتتاح فروع متعددة للمتحجبة في قطر، ولكن بأسماء مختلفة للمحافظة على مستوى وقيمة الاسم، ولم يكن مسموحا بطرح منتجات المتحجبة خارج معارضها.

وبدأت "المتحجبة" في التوسع عن طريق افتتاح العديد من الأفرع في جميع المدن القطرية ولمواجهة ارتفاع الطلب على ملابس "المتحجبة" قام الصديقي وإخوانه بإجراء توسعات على مصنع المتحجبة في الدوحة، وقد تمت هذه التوسعات من فائض الأرباح ودون للجوء للاقتراض من البنوك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل ماقرأت من الحكم

اليوم بالجزمة بكرة بالقبقاب