سناء جمعة .. حكاية أفضل مدير تنفيذي في أوروبا والشرق الأوسط وافريقيا



التميز الذي يحيط بنشاطها جعلها شخصية فريدة فكونها من أوليات السيدات اللواتي يتبوأن أرفع منصب مصرفي تنفيذي في الكويت بوصولها إلى منصب رئيس المديرين العامين في بنك الخليج، أضاف لسيرتها سبقاً آخر، وجعل اسم سناء جمعة يتردد على مستوى جميع أوساط مجتمع المال والأعمال محلياً وإقليمياً.

حياتها المهنية وفقا لجريدة "القبس" الكويتية التي نشرت حكايتها اليوم الأحد 10-8-2008 حافلة بالتحديات بدءاً من التحاقها بالعمل في القطاع المصرفي واقتطاعها "كوتة" مناسبة من هذا القطاع "الذكوري". فسيدات من نوعية سناء أثبتن أن المرأة طاقة خلاقة لا تختلف عن الرجل بشيء وأنها قادرة على "انتزاع" الانجازات في مختلف المجالات. واليوم تقف جمعة امام عتبة تحد جديدة بانتقالها للعمل في قطاع الاستثمار لتلعب دور "الكوماندوز" القادم لإحدى شركات هذا القطاع.

إذا كان الوصف المتعارف عليه عالمياً للسيدة القوية والناجحة في عالم السياسة هو المرأة الحديدية، فان الوصف الأكثر لياقة الذي يمكن أن توصف به سناء جمعة هو "المرأة الذهبية" نظراً لما قدمت من انجازات في عالم الاقتصاد والمال. فالسيدة تمتلك وجهاً "فوتوجونيك" وحضوراً مريحاً يؤثر في كل من يتحدث إليها.

الحكاية من البداية

المصادفة قادت جمعة لتعمل في قطاع المصارف، وتحديداً في بنك الخليج. فبعد تخرجها في كلية التجارة في جامعة الكويت قسم اقتصاد ومساندة إدارة أعمال، التحقت بداية بالعمل في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية التي كانت تعيش آنذاك أزهى عصورها. وكانت "الكويتية" وقتها توصف بمؤسسة الرفاه التي توظف النخب علمياً وعائلياً.

وعلى الرغم من هذه الأجواء التي يتمناها الكثير من الخريجين، لم تمكث جمعة في المؤسسة سوى تسعة أشهر فقط إذ لم تجد نفسها كثيراً في العمل المكتبي داخل الدائرة الاقتصادية، ووجدته "يخنق" طموحها الى تقديم شيء مختلف او على الأقل غير تقليدي . في احد الايام ذهبت لزيارة احدى زميلاتها في بنك الخليج اثناء استراحة الظهيرة فرآها الدكتور يوسف العوضي الذي كان يتولى آنذاك منصب مدير ادارة الخزنة. وفي اليوم التالي اخبرتها صديقتها ان الدكتور يريد مقابلتها، وبعد المقابلة طلب منها التقدم لاختبار تمهيدا للعمل في المصرف.

العمل في البنك

لم يخطر ببال سناء منذ التخرج انها ستعمل في احد البنوك، ولم تكن تميل كثيرا للعمل المصرفي ثقيل الظل على اي فتاة. لذا تعمدت ان "تسلق" اجوبتها في المقابلة، لكن الدكتور العوضي كان ذكيا وفهم "اللعبة" جيدا، فابتسم حين اطلع على نتيجة الاختبار وطلب منها الحضور لتتسلم مهام عملها في المصرف، فانخرطت جمعة في العمل المصرفي اعتبارا من آب/ اغسطس 1981.

لم تكن بداياتها في البنك سهلة، عملت في كل شيء ولاحقها الكثير من المتاعب والصعاب كموظفة، تارة من الرجال الذين ربما وجدوا صعوبة في تقبل فكرة وجود امرأة في منصب هم أحق به، وطورا من زميلات ربما لم يرق لهن ذلك التفوق، لكنها روضت جميع الصعاب وجيرتها لمصلحتها لانها كانت بدأت تحب العمل المصرفي.

التدرج في المناصب

تدرجت سناء في مناصب عدة داخل البنك من اقل درجات السلم الوظيفي الى ذروتها من متدربة الى محلل مالي الى مساعد مدير حسابات. ولا تنسى جمعة ذلك الموقف الذي شكل لها اعلى مراتب التحدي عندما اختارها مجلس الادارة لترؤس احدى الادارات المعنية بإدارة المحافظ. لكن احد المديرين الاجانب آنذاك لم يبد قناعة بذلك الاختيار فأصر مجلس الادارة على ان تسند الادارة الى جمعة ومعها ثلاث كفاءات مصرفية اخرى.

واسند اليهم مهمة ادارة محفظة قيمتها 14 مليون دينار (الدولار يعادل 0.26 دينار)مع تحديد هدف للفريق بتنمية المحفظة الى 60 مليون دينار خلال فترة محددة في مهمة شبه مستحيلة آنذاك حيث محدودية السوق. لكن الفريق قبل التحدي وحقق المهمة، بل وحقق اعلى من الهدف المحدد قبل الفترة المحددة، واليوم يتولى اعضاء الفريق الاربعة مناصب قيادية رفيعة في بنوك وشركات استثمار محتلفة.

تعتبر سناء الملهمة للكثير من الرجال والنساء من الذين عملوا معها، وتفتخر دائما بأنها خلقت توليفة من فريق عمل فني متكامل، زرعت فيهم روح الفريق الواحد والتفاني في العمل ما زال الفريق في بنك الخليج يذكر لها قدرتها على خلق اقوى ادارة للتسليف في السوق المحلي. حقق معها البنك قفزات عدة على المستويات كافة. وما زالت سناء تعتبر بنك الخليج مدرسة تقدرها وتحترمها، مدرسة امدت القطاع المصرفي والمالي في الكويت بكفاءات كثيرة.

الجوائز والتقديرات

سناء جمعة لم تعد فقط من ابرز القيادات التنفيذية محلياً، بل تعدت شهرتها الى خارج الحدود. فحصدت جوائز تقديرية عالمية ابرزها جائزة "ستفي الدولية" الشهيرة التي تمنح للسيدات العاملات في قطاع الاعمال لتنال من خلالها جائزة "افضل مدير تنفيذي في اوروبا والشرق الاوسط وافريقيا" من بين اكثر من 180 سيدة رشحن لهذه الجائزة من مختلف انحاء العالم وهي الجوائز التي تعتبرها صحيفة واشنطن بوست الاميركية بمثابة "الأوسكار لقطاع الاعمال العالمي".

كانت جمعة دائما تقول انها لن تترك بنك الخليج، الا للتقاعد باعتباره بيتها ومدرستها التي تبادلت معها العطاء والمحبة وارتبطت مع مساهميه الاساسيين بعلاقات قوية ومحترمة.

لكن القدر رتب لها توجها آخر، فقد تغيرت اجواء العمل المصرفي عموما ولم تعد البنوك تنزع الى الفكر الاستثماري. فشعرت جمعة ان ماكينة الابداع لديها توشك ان تتعطل ولن يكون في المقدور تقديم شيء جديد. وتزامن ذلك الشعور مع عرض تلقته من مساهمي الشركة الكويتية للتمويل والاستثمار "كفيك"، وهم الملاك الذين عملت معهم عن قرب ابان عملها في بنك الخليج.

.. الى كفيك

مع الانتقال الى كفيك، كان على جمعة ان تواجه تحديين كلاهما اعتى من الآخر: الاول تحقيق آمال عريضة وضعها الملاك عليها في الانطلاق بالشركة الى آفاق اوسع انطلاقا من خبرتها التي برزت في بنك الخليج، والثاني شغل الفراغ الذي تركه الرئيس التنفيذي السابق عبدالرحمن السعيد الذي حقق العديد من الانجازات قبل ان يترك الشركة. لكن جمعة لم يكن لديها للحظة شك في قدراتها الادارية والمهنية.

خلال أشهر قليلة برزت بصمات جمعة في كفيك وساهمت في اتخاذ قرارات مفصلية أهمها قرار تحويل انشطة الشركة للعمل وفق أحكام الشريعة الاسلامية، وهي التي اكتسبت خبرات واسعة في هذا المجال من خلال مساهمتها في تنفيذ الكثير من الصفقات الكبيرة وفق الشريعة مع بنك الخليج، وقرار زيادة رأس المال ودخول مستثمرين استراتيجيين، اضافة الى الانتقال بالشركة الى اسواق خارجية، وهي الاستراتيجية التي ستبدأ كفيك في جني ثمارها خلال عام 2009. مازالت جمعة تمتلك طموحات كبيرة لبناء هيكل سليم ومتين لـكفيك.

حياتها الاجتماعية

في غمرة الحديث عن سيرة جمعة المهنية لا يمكن إغفال الحديث عن حياتها الاجتماعية التي كان لها الدور الابرز في رسم السيناريو المحكم لهذه السيرة ولم يكن لها أن تنجح من دون الدعم العائلي. فوالدها، رحمه الله، هو الملهم الأول، علمها الكثير من المبادئ وكان متكأً اساسيا لها عند الشدائد والمواقف الصعبة، ووالدتها التربوية التي خلقت فيها روح المبادرة والاقدام، وزوجها المحاسب القانوني والخبير بالمحكمة الدستورية الذي أكمل الضلع الثالث من أضلاع الدعم والعون العائلي.

جمعة تستمتع كثيرا بسماع الموسيقى حينما تعود الى بيتها بعد يوم عمل حافل، وتحب ان تستمتع بقضاء بقية وقتها مع أولادها وافراد اسرتها وهي تعيش أعمارهم وتغرس فيهم حب الطموح والمبادرة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اجمل ماقرأت من الحكم

اليوم بالجزمة بكرة بالقبقاب